بين الأبودي والأبوفنطيقي - حوار فلسفي في أصل المعنى - يامن زينة يحاور إحسان طالب
بين الأبودي والأبوفنطيقي
حوار فلسفي في أصل المعنى
انطلاقًا من مصطلح الأبودي،أي اليقين البرهاني Apodicticity والأبوفنطيقي، أي منطق اليقين أو منطق الحكم Apophantic Logic، وهما مصطلحان للفيلسوف هسرل، نجد أن هذه المصطلحات ذات صلة وثيقة بالأبوفية والأبوفنطيقية وهذه الأخيرة مصطلحات أرسطية.
إحسان: أنا اعتمدت ترجمة "بيان رسالة اليقين" لكلمة أبوفاسيس Apophasis؟
يامن: أبوفاسيس تعني الإنكار والحذف البلاغي من البارلبسيس
إحسان: هذا المعنى قريب للغة، أي المعنى اللغوي، لكن في الحقيقة هو مرتبط بقضايا الشك في اليقين. وهي في الأصل كلمة أرسطية تبحث في ماهية اليقين المؤكد أو اليقين المشكوك فيه. طبعاً أنا أتكلم بناءً على الشرح الذي يليها، وهو التفرقة بين اليقين الذي يحتمل الخطأ أو العصمة حتى لا تدخل في ارتباط ضد الوحي، أي أنه بالرغم أنه يقين فهو ليس معصوماً ، لذلك اقترحت ترجمة "بيان رسالة اليقين" لأنها في الأصل في الاستخدام الأرسطي تعني البيان والإفصاح عن الحقيقة أو اليقين. ومازلت غير مستقر على المعنى.
يامن: من موقع ستانفورد plato.stanford.edu، تحت عنوان المقدمات المنطقية لأرسطو: بنية الثبات: الثبات والإنكار والتناقض: يقول: القياس المنطقي هو بنية للأحكام التي يمكن أن يقال عنها أنها تحمل معنى إما صادقاً أو كاذباً: أي الثبات (assertion-apophanseis) أبوفانسيس، أبوفنطيقي، في اصطلاح أرسطو. وفقاً لأرسطو كل حكم كهذا يجب أن يأخذ نفس البنية: إذ يجب أن يحتوي على موضوع subject - هوبوكيمينون (hupokeimenon) ومحمول. وهذا يعني أن كل ثبات (يقين) هو إما أن يكون مؤكدًا (كاتافاسيس kataphasis ) أو إنكارًا (أبوفاسيس apophasis)، أبوفي، لمحمول مفرد ما أو موضوع مفرد ما.
ملاحظة:الأبوفي، أبوفاسيس، في القضية أو العبارة تعني الانكار ولغة تعني النفي.
إحسان: تمام، هذا هو المعنى، والمشكلة بصياغة المصطلح ولا أعلم إذا اعتمد أحد ترجمة للمصطلح بالعربية.
يامن: بعد البحث في ترجمة المسكيني للزمان والكينونة لهيدغر، وجدت هذا المقطع في المقدمة تحت عنوان "مفهوم اللوغوس":
ملاحظة/ الإضافات على المسكيني هي من ترجمتي عن النسخة الانجليزية لمكاري وربنسون، وقد وضعت ضمن قوسين مستطيلين [..]
(يعني [لوغوس] λόγος على الأرجح، بما هو كلام، شيئاً من قبيل [ذيلون] δηλοῦν [أي يُظهر، يجعله واضحًا أو معروفا وواضحاً]، جعْلُ ما عنه "الكلام" في الكلام جليًّا، إن أرسطو قد شرح وظيفة الكلام هذه على نحو أكثر حدة بوصفها [أبوفينسثه] αποφαίνεσθαι. إن [اللوغوس] λόγος إنًما يمكّن من الإبصار [أي كشف، إضاءة] [ فينثسه] φαίνεσθαι بشيء ما، وبالذات بما عليه يكون الكلامُ وذلك بالنسبة إلى المتكلم (الوسيط)، أو بالنسبة إلى المتكلّمين فيما بينهم. إن الكلام "يُبَيّنُ" [من بين ذات الكلام] απο [أبو]… انطلاقًا من عين الشيء الذي عليه يكون الكلام وضمن الكلام απόφανσις [أبوفانسيس] [أي حمل المحمول إن كان مثبتاً أو منفيًا]، بقدر ما يكون أصيلاً، إنّما يجب على ما هو متكَلَّم، أن يُستمَدَّ ممَّا هو متكلَّم عنه، بحيث إن التواصل بالكلام يجعل ما يُتكلَّم عنه، في مَقُوله، جليَّا وللآخرين في المتناول. تلك هي بنية [اللوغوس] λόγος من حيث هو απόφανσις [أبوفانسيس]. وليس كلّ الكلام يختصّ بهذا الضرب من الإجلاء في معنى البيان المبين. إن الطلب ευχή [إفخي] [أي الدعاء أو التمني أيضاً] مثلاً إنًما تجعل شيئاً ما جليًا أيضاً، ولكن على نحو آخر.)
ومقطع تالٍ تحت نفس العنوان "مفهوم اللوغوس" يقول هيدغر" وفق ترجمة المسكيني وبالاستعانة بترجمتي لـماكاري وربنسون:
(إن ما لم يعد يملك الشكل الإنجازي للبيان المحض [حين يتوقف أمر ما عن أخذ شكل البيان المحض]، بل صار يلجأ في كلّ مرة عند الإبانة إلى شيء آخر [بل صار في كل مرة يرجع بالذكرى، في حال إبانته، إلى شيء آخر] ومن ثمّ هو يُبين في كل مرّة عن شيء ما بوصفه شيئًا ما، [بحيث يجعل شيئًا ما يرى على أنه شيءٌ ما] إنما يتحمّل، مع بنية التأليف هذه، إمكانية الحجْب [إنما يحصل بهذه الطريقة على بنية توليفية، يستحوذ من خلالها على إمكانية الحجب]. والحال أنّ "حقيقة الحكم" ليست سوى الحالة المضادة لهذا الحجْب [...]- بمعنى ظاهرة حقيقة قائمةٍ على أسس عدة [بمعنى ظاهرة ثانوية للحقيقة، لديها أكثر من نوع للأسس "في الهامش يكتب ماكاري وروبنسون بقولهما: ظاهرة "مؤسسة" أو "ثانوية" هي التي تكون مؤسسة على شيء آخر، وقد ورث هيدغر هذا المصطلح عن هسرل" ] . إنّ الواقعية والمثالية تخطئان، بالعمق نفسه، بمعنى مفهموم الحقيقة اليوناني،[أي أن كليهما وبنفس الشمولية، تفسران خطأً معنى مفهوم الحقيقة اليوناني] الذي انطلاقًا منه فحسب [ أي معنى الحقيقة اليوناني] يمكن للمرء بعامة أن يفهم إمكانيةَ شيء ما مثل "نظرية المثل" من حيث هي معرفة فلسفيّة.
وإنّه من أجل أنّ وظيفة [اللوغوس] λόγος تكمن في مجرّد البيان [أي تمكين أمر ما في أن يرى ويُبيّن]، [أي] في السماح - بإدراك الكائن [أوإدراك الكيانات]، إنّما يُمْكن لـ[اللوغوس] λόγος أن يدلّ على العقل. كذلك، من أجل أنّ [اللوغوس] λόγος لا يُستعمل فقط في دلالة λεγεῖν [ليغين أي مقول]، بل في الوقت نفسه في دلالة λεγόμενον [ليغومينون]،[أي] المشار إليه بما هو كذلك، ومن أجل أنّ ذلك [أي ليغومينون] ليس شيئًا آخر سوى υποκείμενον [أبوكيمينون أي الموضوع]، ما هو، بالنسبة إلى كلّ مخاطبة أو مناقشة دائرة، تابع في الأساس في كل مرة بوصفه شيئاً قائماً [ في كونه بمتناول اليد، واقع بالفعل على أرضية - zum grunde- كل عملية يقوم المرء من خلالها بمخاطبته أو النقاش عنه]، فإنّ [اللوغوس] λόγος يعني [لهذه الأسباب] من حيث هو λεγόμενον [ليغومينون] الأساس [أي أن اللوغوس من حيث أنه ليغمومينون يعني الأرض أي " الأساس " "في الألمانية العقل والأرض كلمتان مترادفتان ]، ratio [ويعني ratio أي العقل باللاتينية ويعني أيضاً النسبة]. وأخيراً من أجل أنّ [اللوغوس] λόγος من حيث هو λεγόμενον [ليغومينون] يمكن أيضاً أن يعني: الشيء الذي، من جهة ما هو شيء متخاطب فيه، قد صار منظوراً في علاقته بشيء ما [قد صار منظوراً في نسبته لشيء ما من حيث نسبته له]، في "عقلانيته" يحتمل [اللوغوس] λόγος دلالة العلاقة والإضافة. [يحصل اللوغوس-حينها- على دلالة العلاقة relation والإضافة بالعلاقة relationship]
هذا التأويل عن "الكلام الأبوفنطيقي" قد يمكن أن يكفي بالنسبة إلى إيضاح الوظيفة الابتدائية للـ [اللوغوس] λόγος. [من الممكن أن يكفي هذا التأويل عن "الكلام الأبوفنطيقي" لإيضاح الوظيفة الابتدائية للوغوس])
إحسان: أذكر اللوغوس في الكينونة والوقت وقد كتبت عنه في "التأملات" ومثل ما قرأت اللوغوس هو البيان وأن يكون الكلام مجلياً للمتكلم عنه وهي هنا أحد معاني الظاهرة، لكن في الحقيقة اللوغوس مصطلح يطلق على كل ما كتبه أرسطو، غير الأورغانون وكأن اللوغوس هو الشيء التخصصي الذي أعاد إحياءه وبناءه أرسطو. وستجد في معجم هسرل خمسة مصطلحات مرتبطة بهذا الشكل، وستلاحظ أنني سجلتها "بيان" أي أن القصد من المصطلح هو بيان الشيء المحقق في حقيقته، أو كشف حقيقة الشيء المحقق، أو المتيقن، وفي هذا تكمن صعوبة المصطلح، لكن أهم شيء أن فيها فكرة البيان والإجلاء وأيضاً فكرة "اليقين الغير معصوم"، وعلى ما أظن لها أيضاً علاقة بالمثل الدينية وكأن العلم هو معطى مسبق وأنت تكشف عنه، ونحن نريد أن نقول ان هذا المعطى المسبق إما أن يكون يقينيًا وإما أن لا يكون، أي نرفع الحجاب عنه فنكتشف فيما إذا كان يقينيًا حقيقيًا أم غير حقيقي.
إذن لدينا مجموعة مصطلحات أبوفية، ويمكن أن تصنف على الشكل التالي: أنها إفصاح عن مقولة وبيان هذه المقولة والحكم عليها إما بالاثبات أو النفي. وأذكر أن هناك مرجعاً مستقلاً في الكتاب الذي اشتغل عليه، يقوم بتفصيل الأبوفية واستقصائها.
يامن: أعتقد أن هذا الاصطلاح يستلزم البحث أكثر، وجعلني أتذكر اصطلاحات ابن عربي عن الحجب.
إحسان: كلام سليم، سأعتمد مصطلح الأبوفي وليس المصطلح الذي استخدمه المسكيني الابوفنطيقي. لأنني أخشى أن تأخد معنى آخر. وبالنسبة لكلامك قد كتبت في التأملات أنني حين أقرأ لهيدغر فإنني أتخيل ابن عربي في موضوع الحجاب؛ في أن الأشياء كلها مكشوفة لكن تكون محجوبة عنا بفعلنا أو عدم قدرتنا على كشفها. وانصح أن نستمر في عملنا وسنرى أن المعاني ستكشف بعضها لنا.
لقد راجعت النص كما جاء مع التوضيح، لكن أريد أن أنوه أنني حين تكلمت عن اللوغوس يبدو وكأني أستبدل اللوغوس بالأورغانون، لكن ما قصدته أن أرسطو استخدم اللوغوس وأسسه وأعاد إحياءه وجدد وظيفته حيث كانت قرينة الخطاب الديني حتى كانت عند الرواقيين دلالة على الآلهة وأحياناً إشارة لمادة الكون وفي أحيان أخرى سمة من سمات الفاعلية الكلية.
لكنه عند أرسطو هو المنطق البرهاني لذلك تشتت معانيه وأعاد هيدغر في الوجود والوقت وقرنه بالكلام المنطقي والكلام المنضبط بقواعد المنطق وربطه بالبيان والافصاح وربما أخذ شذرة من هوسرل الذي استعمل الإيضاح بمعنى البيان المسند بالدليل.
يامن: تماماً، لقد انتبهت لذلك في محاضرات آرثر هولمز أستاذ تاريخ الفلسفة الذي نبه لتطور مصطلحي النوس واللوغوس من أرسطو عبر أفلوطين إلى فلسفة العصر الوسيط، ولو انتبهنا إلى كلمة Logic نجد أنها ترجع اتمولوجياً إلى كلمة لوغوس.
وبالنسبة إلى ما أشرته عن هيدغر وهوسرل وجدت في الهامش من كتاب ماكاري وربنسون أنهما وضحا المقطع الذي أوردته في الأعلى أكثر بكثير وذكرا العلاقة بين هيدغر وهوسرل:
[لمزيد من الإيضاح يقول ماكاري وروبنسون في الهامش: يشير هيدغر هنا أن كلمة لوغوس هي قريبة من الناحية الأتمولوجية من الفعل "ليغين" λεγεῖν ، الذي له معان عديدة من بينها، يضع، أو يعرض، أو يُبيّن، أو يشرح، أو يسرد حكاية، أو يدلي بحكم. وهكذا فإن اللوغوس من حيث هو "ليغين" λεγεῖν يمكن التفكير به كملكة العقل - vernunft - والذي من خلاله تكون هذه العمليات ممكنة. لكن اللوغوس يمكن أن يعني أيضاً "تو ليغومينون λεγόμενον " (أي الشيء الموضوع، أو المُبيّن، أو المشروح، أو المقول)؛ وبهذا المعنى يصبح مادة الموضوع المستبطن "تو أبوكيمينون υποκείμενον [ أي الموضوع subject]" التي يتجه إليها الخطاب، ويدور حولها النقاش ؛ وباعتبارها كذلك فإنها تقع في أسفل قاع الشيء المبيّن أو المتحدث عنه، وهكذا تصبح الأرض أو السبب "reason" - "[بالألمانية] Grund" الكامن وراء الافصاح عنه. لكن حين يُبيّن أمر ما أو يُتحدًّث عنه، فإنه يتم بيانه من جهة علاقته، وعلى هذا النحو يقوم اللوغوس من حيث هو ليغومينون بالدلالة فحسب لمثل هذه "العلاقة" و"الإضافة بالعلاقة". إن المعاني الثلاثة المتمايزة هنا، تدل على أنها تطابق المعاني الثلاث للكلمة اللاتينية ratio، التي تم ترجمة اللوغوس من خلالها تقليديًا، رغم أن هيدغر يلفت الانتباه بصراحة إلى واحد من هذه المعاني فقط. لاحظ كلمة Beziehung التي ترجمناها بمعنى "علاقة" يمكن استخدامها في بعض السياقات التي يتلائم فيها استخدام كلمة Ansprechen "أي التوجه بالخطاب" على نفس السوية. ولاحظ أيضًا أن كلمة Verhaltnis "أي الإضافة بالعلاقة"، والتي هي مرادف اعتيادي لكلمة Beziehung، يمكن أن تشير أيضاً مثل كلمتي لوغوس وratio، إلى نوع من الإضافة الخاصة التي يجدها المرء في نسبة رياضية. ويجب أيضاً التنوية إلى الارتباط الإيتمولوجي بين كلمتي Vernehmen و Vernunft]
إحسان: النسبة هنا يقصد بها الانتساب أي "نسبة إلى" وليس منسوب التناسب الرياضي، بمعنى أن شيئًا ما يكون "منسوباً إلى"، وهذه النقطة التي لفتت نظري، والتناسب هو التبادل، بمعنى التبادل بين الشيء وموضوعه، وبين الكائن والعالم. إذن النسبة هي الانتساب إي أن يكون منه وبه وإليه، والتناسب هو التبادل والتواصل والتذاوت والتزامن. وكلمة grunde - ground هي الأساس والأس وتأتي أيضاً بمعنى الأرض.
وأنا عدت إلى كتابي "التأملات في الفينومينولوجيا والحقيقة والإنسان" حيث أفردت فقرة مطولة عن اللوغوس، وهي تحت عنوان "معنى اللوغوس"، وسأقرأ لك منها بعض الشذرات:
(قد لا يكون مغالاة القول بأن اللوغوس مفردة من ركائز الفلسفة قديماً وحديثاً، فهي تنضوي على المفهوم الكلي، أصل العلوم، بما أنه العقل الكلي. كذلك هي النسق الكلي للوجود، فحسب هرقليطس كل القوانين الإنسانية تتغذى من قانون إلهي واحد ….. اللوغوس تعني مباشرة الكلام، ويجب على الكلام أن يتنوع. ويفسر اللوغوس دومًا بوصفه عقلاً وحكماً وتصورًا وتعريفًا وإضافةً.)
لاحظ هنا من أين أتت كلمة إضافة. لأن النقل هنا عن هيدغر.
(فيعني على الأرجح جعل ما عنه الكلام في الكلام جليًّا، ويشرح أرسطو: الكلام يعني الإبصار بشيء ما، وبالذات بما عليه الكلام، وذلك بالنسبة للمتكلم أو بالنسبة للمتكلمين فيما بينهم. إذن اللوغوس هو البيان أي الكشف في الحقيقة، ورفع الحجب وبيان شيء ما عن شيء ما.) وكتبت في خاتمة معنى اللوغوس مايلي: (موضوع محل بحث دائم لم يصلوا إلى نهايته، لأن الكل الذي نسعى لاحتوائه وفهمه وإدراكه يتألف من أجزاء بسيطة متأثرة بالزمان والمكان باعتبارهما شيئأ من كينونة الكائن. وهي متغيرة وبالتالي إدراكها في حيز الممكن لا في حيز القائم… إلخ).
هكذا تكون Apodixi الابودية apodicticity كما مر معنا، هي اليقين المنطقي وهي مصطلحات أرسطية تشير إلى الافتراضات التي يمكن اثباتها بالضرورة أو بديهيا.
يامن: هذه خاتمة نص وبداية بحث.
المصادر:
- Historical Dictionary of Husserl's Philosophy, John Drummond, 2007
- Heidegger, Martin - Being and Time [trans. Macquarrie & Robinson] (Blackwell, 1962)
- الكينونة والزمان - هيدغر، ترجمة المسكيني
- plato.stanford.edu
- التأملات في الفينومينولوجيا والحقيقة والإنسان، إحسان طالب
Comments
Post a Comment