الفينومينولوجيا التطبيقية: علم الاجتماع الفينومينولوجي كنموذج
الفينومينولوجيا التطبيقية: علم الاجتماع الفينومينولوجي كنموذج
من كتاب الفينومينولوجيا: الأساسيات، دان زهافي، روتلدج 2019
ترجمة: يامن زينة
الفينومينولوجيا التطبيقية
لا تهتم الفينومينولجيا، باعتبارها مسعى فلسفياً، في المساهمة في، أو توسيع دائرة معرفتنا الوضعية. إن مهمتها ليس كشف معرفة إمبريقية جديدة حول نطاقات مختلفة عن العالم، بل التقصي عن أساس هذه المعرفة وتوضيح كيف تكون ممكنة. وكما أشار هيدغر مرة بقوله: "أن يتفلسف المرء، يعني أن يكون مهمومًا دائمًا وعلى نحو كليّ وحسّاسًا على نحو مباشر بالأحجية الكلية عن الأشياء، تلك التي يعتبرها الحس المشترك بديهية لا يرقى إليها الشك".* في الواقع، وفقا لإحدى القراءات يمثل هذا المجال من الوضوح المهمل، وعلى نحو دقيق، ذات المجال الذي تسعى الفينومنولوجيا للبحث فيه، ,وتستند قدرتها في فعل ذلك على فرضية تبنيها لتوجه فلسفي معيّن.
قد يتساءل المرء، ولديه معطى عن الطبيعة الفلسفية المتميزة لهذا المشروع، فيما إذا كانت الفينومينولجيا قادرة على تقديم أي شيء ذي قيمة للعلم الوضعي. هل تستطيع الإعلان عن عمل تجريبي؟ على أية حال، سأوضح في البابين القادمين أن الإجابات على هذه الأسئلة ستكون شديدة الإيجاب. من خلال تقديم تفسير عن الوجود الإنساني، حيث تكون الذات مفهومة على أنها متجسدة (embodied) وعلى أنها وجود-في-العالم (being-in-the-world) متضمَّن (embedded) على نحو اجتماعي وثقافي، نجد أن الفينومينولجيا ليست فقط قادرة على تحليل وكشف إطار عمل يكون فعّال ومسلَّم به من قبل أكثر التخخصات العلمية، بل كانت أيضًا قادرة على تقديم إسهامات ضرورية في العديد من المجالات في العلوم الاجتماعية والإنسانيات، ناهيك عن الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس، والدراسات الأدبية ودراسات التعليم، وما إلى ذلك.
علم الاجتماع الفينومينولوجي- Phenomenological Socilogy
دعونا ننظر في البداية إلى الكيفية التي أثرت بها الفينومينولوجيا على العلوم الاجتماعية، وبشكل خاص علم الاجتماع. يبدو واضحاً في الوقت الراهن أن المشتغلين بالفينومينولوجيا يتعاملون بشكل جاد مع الأنا-التبادلية (intersubjictivity)، حيث أن هسرل ذاته ناقش فكرة أن تطور حقيقي للفينومينولوجيا سيؤدي إلى نوع من السوسيولوجيا الفلسفية. ويمكن بشكل عام أن تُفهم الفينومينولوجيا في كونها على هيئة علم ابتدائي أو ما ورائي للاجتماع. ومن خلال تقديم تفسير أساسي لوجود الإنسان الاجتماعي، تقدم الفينومينولجيا أيضاً تفسيراً للإطار الذي تعمل ضمنه العلوم الاجتماعية. أو بإعادة الصياغة بشكل مختلف وموجز، هي تمثل نظرية معقولة عن الواقع الاجتماعي تفترض مسبقاً تفسيراً معقولاً عن الأنا-التبادلية الإنسانية، حيث يمكن تقديم هذا التفسير من قبل الفينومينولجيا. وعلى الرغم من ذلك، فقد تبين للمرء أيضاً إمكانية أن يجد تراثًا متميّزًا في مجال علم الاجتماع ينحدر من الفينومينولوجيا الكلاسيكية حين نأتي على ذكر المباحث و المفاهيم والمناهج.
*- مارتن هيدغر[1925-1926]، المنطق: سؤال الحقيقة/ ص19، ترجمة ت. شيهان، بلومنجتون- 2010
Comments
Post a Comment